... اشتقت لك حبيبي ...
ما أجمل العودة من بعد طول غياب
وما أروع الرجوع إلى أحضان الأحباب
كشمس تطل برقة من بين السحاب
فتنثر سنابل ذهبية على التلال والهضاب
لتجعلها أجمل وأجمل ... وتزيل الضباب
حين يحين موعد العودة ........
أقف وحيدة في المحطة .... في انتظار
أنتظر بلهفة وصول القطار
كما تنتظر رمال الصحراء هطول الأمطار
كما تنتظر النجوم إطلالة سيد الأقمار
أرقب الأفق بأعين راودتها الدموع
أرقب بقلب ... ينتابه الخشوع
أرقب بأحاسيس تحترق كما تحترق الشموع
أرقب وصول القطار ... تواقة للرجوع
أنتظر ذاك القطار
أنتظر وقد ارتديت أجمل الفساتين
وقد حملت بكلتا يدي طاقة من ياسمين
وقد اصطبغت بالشوق ثيابي
وملأت عيناي دموع من حنين
أنتظر .......
وقد عطرني عبق الجوري وشذى الياسمين
أنتظر ....
وقد طال الانتظار ما بين أيام وسنين
وما أن يصل القطار
حتى أركض كطفلة صغيرة
أطير وأطير ....
كفراشة ذات ألوان مثيرة
أمسك بيدي فستاني ...
وألتف في مكاني
كأميرة ....
وأصعد القطار متلهفة
كما تهفو للعش عصفورة صغيرة
وحين يسير القطار ما بين الأشجار
تتمايل بحنو الأشجار
وترقص فرحاً تلك الأزهار
فوردة تغني .... و خزامى تشدو
وعصفور يزقزق لحنا تترنم لإيقاعه الأوتار
وحين يطلق القطار صفارته ...
ليعلن الوصول
كما يعلن القدر رباعية الفصول
تنتابني حيرة شديدة ويغمرني الذهول
كما يذهل الفلاح وفرة المحصول
وتضيع الحروف من لساني
ويندثر الكلام المعسول
لأقول :.......
تراني ماذا أقول ....؟
وحين يفتح باب القطار
ليعلن وصولنا نحن الزوار
أحس وكأني أسيرة منذ قرون
وها قد صرت حرة ...
وها قد فتحت الأسوار
وما أن أخرج من ذاك الباب
و بعيون اغرورقن بالدموع ...
أرى ظل الأحباب
حتى أقف ....
أهز برأسي يمنة ويسرى
بألم وأنة وحسرة
ودموع تذرف فتجعلني
لا أفقه سؤالاً ولا جواب
دموع انهمرت من غيوم الفرح
فرح بلقاء الأحباب
أمشي بخطوات وئيدة مترددة
لأرتمي في سحر تلك الأحضان
حينها ... أضيع ... أتلاشى
أتشتت .. فلا أدرك ذاتي
أنطق بحروف متلعثمة ضلت طريقها
فتناثرت في الدروب
وحين لملمتها من جديد
أضعت معظمها وما وجدت إلا
حروف ركبت منها كلمة واحدة
كلمة ما ضلت طريقها يوماً
أقولها وأطلق لها العنان
لأقول : ...
اشتقت لك حبيبي